الجمعة، مارس 19، 2010

أصل الأشياء ...






يخيل لى دائما أن الأصل فى الأشياء هو البقاء وأن الأشياء لاتذهب إلا لتأتى مرة أخرى فتعطى
حياتنا طعماً ولوناً أكثر اختلافا عما اعتدناه منها

يخيل لى أن القطه الصغيرة التى كنت أشاهدها يومياً فى طريقى للمدرسة الثانوية وهى تجلس القرفصاء فى برد الشتاء على درجة السلم الكبيرة وأنا اهبط فى طريق الذهاب .. ستعود يوماً وأنها لم تهرب لمكان آخر اكثر آمناً واقل ضرراً عليها ...

يخيل لى أن جميع الأشياء التى تتركنا ما تفعل ذلك إلا لنشعر بالفقد تجاهها فنعرف قيمتها فى حياتنا فنحافظ عليها اكثر

يخيل لى أن من يتركوننا فى رحلتهم للعالم الآخر ما يفعل بهم هذا إلا لندقق النظر أكثر فى أثرهم بحياتنا وتأثيرهم القوى الخفى .. علينا

يخيل لى على درجة من اليقين انه سيعود يوماً ليملأ حياتى بالبهجة التى افتقدتها منذ رحيله .. وحدة كان القادر على بث روح البهجه فى قلبى .. وحدة كان يستطيع استخراج مكنوناتى والعبث بها بكل حرية واصلاح ما بها من تلف ثم اعادتها لمكانها مرة أخرى .. الى موضعها الأصلى .. دون ان ألحظ ذلك

كثيراً ما اشتاقه فأهرع لإستحضارة بكل ما كان يفعل معى وكل ما كان يبذله لأجلى .. لأجل بسمة واحدة يراها على شفتى .. كان جميلاً كما تعنى الكلمة تماماً ...

كثيرا ما آراة آتياً من ذلك الباب .. أستمع لصوته فعلياً.. أوشك على ادارة الحديث المعتاد بيننا واللزمات المستمرة .. فأدرك فجأة أنه ليس هنا .. لم يعد هنا .. تلك هى الحقيقة الواحدة .. الوحيدة فى عالمى .. لم يعد هنا .. لن يأتى مرة أخرى .. لن يجادلنى ولن يبادلنى أحاديثنا العبثية الدائمة ..

لن يحتضننى ولن يؤنبنى .. لن يسألنى عن كتاباتى ولن يهتم بها احد كما كان يفعل .. لن يأخذنى مرة أخرى فى جولات غير منتهيه .. لن يعلمنى مزيداً من طرق الإبتعاد عن العصبيه .. ولن يغار على من زملاء العمل ..

لن يجلس معى نحاور النيل بعد اليوم .. لن يكون هنا حين يدق قلبى .. لن يفعل معى ما كان ينتوى حين أصرح له عن حبى الحقيقى الأول ..
أشتاقه الآن بشدة لأخبرة عن كل ذلك .. أشتاق دعمه ونصحة وقربة .. أشتاق أنفاسة وصوتة العالى . وثوراته الدائمة .. أشتاقه بكل ما تعنى الكلمة

أدرك الآن بعد عام كامل أنه ...
لن يفرح لأجلى ولن يحزن لأجلى لأنه ببساطة لم يعد هنا ..

الآن فقط أدركت ان الأصل فى الأشياء هو الرحيل ...

ذات صله

ليست هناك تعليقات: