
مبادرة مصريون ضد الحزن التى أطلقها مؤخرا الزميل الصحفى المتميز أحمد المسلمانى أثارت بداخلى العديد من المشاعر المتناقضه المنقسمة ما بين مؤيد للمبادرة ومعارض لها ..
أن يكون أحد أهدافك فى الحياه محو الحزن من القلوب فى ظل الضربات اليوميه المتتاليه من فساد ورشوة وقتل وعنف ساد المجتمع .. فهو شئ يجبرنا على الإنحناء لشخصك النبيل
أن تصادر حق الآخرين فى الإحساس بالحزن وخوض تجربة الألم والشفاء منه
شئ يعارض ذلك التابوه المقدس للحزن داخل قلبى ...
مصريون ضد الحزن
أتأمل العبارة مرات وأراجعها مرات ومرات فأتخيل أمامى الزجاج المقاوم للرصاص هل هو حقاً مقاوم له أم أنه خدعه قد يصمد أمام طلقه أو اثنتين وينهار أمام الثالثه ...
قد نقاوم الحزن مرة واثنين وثلاثه لكنه من المتوقع جداً أن ننهار أمام الرابعه أو حتى الخامسه الحزن ليس رصاص يطلق علينا فنستطيع تفاديه .. والبشر ليسوا زجاجاً قد ينهار بسهوله.. الحزن احساس مقدس
لا يستطيع أحد أن يتنازل عن الشعور به لسبب ما ..
هل يعقل أن يتحول البشر لأجساد تسير على الأرض دون قلوب تنبض داخلها وتدل على استمرار قابليتنا للإحساس بنشوة الفرحة وألم الحزن ..؟؟
هل يمكن أن نتحول بفعل الزمن لتماثيل من ملح فقدت القدرة على الحزن فيذيبها الفرح .. ويأتى عليها الغبار ..؟؟
هل نتحول لكائنات هشه .. خاوية من أدنى مصادر قوتنا ..؟؟
الحزن لدى مصدراً للقوة والإبداع .. والإصرار .. والإختلاف
الحزن دليل وجود وبرهان احساس
الحزن وحدة يشعرنا أننا مازلنا أحياء قادرين على الإحساس
الحزن هو الإحساس الوحيد الذى يأتى تلقائياً كرد فعل لما يحدث حولنا وما نتلقاه من ضربات القدر .. لا يحتاج مزيدا من التصنع أو الإستدعاء لنشعر به
الحزن كان البطل الأول للعديد من الإبداعات الأدبيه والقصص الأسطوريه
المصريون شعب عاطفى لا شك .. أبسط الأشياء تؤثر فيهم فتستفحل بداخلهم آثار الأحداث السيئة وتتفاقم وتتضاعف وتضعف من قدرتهم على مواجهة المزيد
الإحصائيات تقول بإرتفاع نسب الوفيات عن ضغط الدم والقلب بشكل متضاعف كل عام
الحزن يؤثر بالقلب ويرفع الضغط ...
الأخبار السيئه هى ما نتلقاه يومياً بشكل متزايد فقط .. غابت مصطلحات الفرحه من نشرات الأخبار وعناوين الصحف الكارثيه...
أرى أنه:
اذا ما استطعنا خلق جيل من المصريون المضادون للحزن يجب علينا أولاً إيجاد أجيال مضادة للفقر وأخرى مقاومة للفشل وثالثه لا يؤثر فيها الظلم
جميعها أبواب للحزن .. ان استطعنا غلقها أولاً يمكننا القول بإمكانية مقاومة الحزن
الحزن ليس أنفلونزا .. يمكننا القضاء عليها بغسل اليدين جيداً ..
عزيزى المسلمانى
الحزن عمله ذو وجهان وأبواب عديدة...
فلنبقى على الحزن الجميل الذى يدفعنا لنكون أفضل نتحدى الواقع فنسعى لتغييرة
ولندمر ذلك الحزن القاتل الذى يذهب بنا للهلاك ...